top of page

آكوب

جميل حلاوة

15.07.2022

آكوب شب أرمني بيسكن بحي الميدان بحلب. عندو محل بيع قطع ميكانيكية للسيارات. مانو طويل ولا قصير و حجمو كمان مو كبير ولا ظغير وبيعاني من حول خفيف بعينو اليمين. لطيف ومحبوب من كل جيرانو. شلة اصدقاء بتجتمع عندو كل يوم عند الصبح على شرب  قهوة و فطور: فول، فطاير، الخ. اكوب مشهوربلغتو السورية المكسرة، ممزوجة بنكهة أرمنية

اختصاصو خلال خدمتو العسكرية حاجب بيجوز بسبب الحول بعينو  وبأول يوم خدمة الو كان ناطر الصبح على باب غرفة الضباط وهنن  رايحين عالإجتماع الصباحي. بيفوت آكوب يرتب و ينضف المكتب فبيشوف كاسات ظغيرة  فيها مصاصات معدنية وفيا عشبة لونا أخضر. أخد آكوب الكاسات  للمغسلة ونضفهم منيح و رجع رتبون بزاوية بالمكتب. رجع الضباط من الاجتماع و لأول وهلة كانوا كتير مبسوطين  من ترتيب ونضافة المكتب، بس لمن تطلعوا و شافوا الطاولة بدون كاسات   صاحوا وسألوه بصوت واحد: ولك آكوب وين كاسات المتة؟ كنا منقعينها منشان نجي نشربا.

طبعا آكوب ما فهم شي غير إنو عمل شي غلط كبير فوقف متل الأجدب و ما عرف يجاوب بشي فقلو واحد من الضباط: " ولك هي اللي بقلب الكاسات وينا؟" ضحك آكوب وبشوية ثقة قال وهوي ميتأتئ : أيواه..! آه... أنا بشوف كاسات وسخة كتيرة باخدها ع مغسلة ، بكبو ،بنضف ،برجع كله نديف. "طلع الضباط ببعضهم منون اللي ضحك ومنون انفعل وقال بصوت عالي في تنبيه: " ولك كيف كيف بتعمل هالعملة ولك آكوب؟". آكوب بيكرر ،متأتئاً: "كاسات وسخة كتير ،بروح مغسلة بندف بكبو هاد حشيش أخضر، وبسده بلوعة كمان.كتير كتير وسخة  ". المهم بعد الحادثة صار آكوب شريب متة

مرة تانية بيوم من إيام الصيف الحارة انقطعت المي عن القطعة العسكرية ،و هي بالأساس بمنطقة بعيدة بآخر ما عمر الله. حاولوا كتير اصلاح العطل بدون فائدة. آكوب دخل لعند معلمو وقلو: "معلمي ممكن أنا بشوف موتور؟" فبيرد عليه معلمو: "ليش بدك تخربو وترميه بالبلوعه متل المته؟. آكوب بيرد:" لا والله يا معلمي أنا بس بشوف؟

 طيب روح بس لاترميه بل بالوعة .بعدين برميك بالسجن عقوبة.واذا صلحتوا فرح أعطيك إجازة تلات ييم، مفهوم؟" جاوب الضابط

أسرع آكوب لمحل محرك المي ،وبلش يفكك المحرك قطعة قطعة ،ويعيد تركيبو،المهم بالليل سمعوا هالعساكر صوت صفير محرك المي من جديد وبلشت المي تخدق و تصب بالخزانات،وسط فرحة من رفقاتو.

آكوب ما نام الليل وهوي ناطر الصبح بمنشان يروح إجازتو الموعودة. كان آكوب يلفظ كلمة الاجازة (لات تيييم ) يعني بالعربية" ثلاثة أيام" ولفظ المذكر بيعكسه مؤنث ،والمؤنث يقلبه مذكر. ولمن  لمح رئيسو نازل من سيارتو وكان هاد الضابط ضخم و عندو ملامح صارمة. أسرع آكوب ووقف قدام مكتبو.

سأل الضابط: " ايه ياآكوب شو صار معك؟

صلحتو معلم ، وإنتي وعدتيني لات تييم إجازة. فرد عليه رئيسو بحزم:" مارح اعطيك لات تييم ، رح اعطيك بس إسبوع".رد آكوب وبسرعة وبدون تأتأة: "ليش؟ ليش؟ إنتي بيقولي لات تييم يعني لات تييم و بيشير لأصابعو التلاتي .  المساعد الواقف جنب آكوب قلو: " وللك قول سيدي بلا معلم.  رجع  آكوب صحح شوي وقال: "والله ياسيدي يامعلمي إنتي وعدتي لات تييم ،،،والله". دار رئيسو ضهرو متجاهلا وليخفي ضحكتو بصعوبة. كان  آكوب راح يبكي وهوي عم يكرر بصوت حزين: " لآت تييم يعني لات تييم". عطاه المساعد ورقة الإجازة وقلو: " :وللك ياآكوووب هي اجازة لات تييم ،وزائد أربع تييم" آكوب اللي مابيعرف القراءة بالعربية اللي مكتوبي فيا الإجازة و انهمرت دموعو و حاول يلحق رئيسو ليضمو بس المساعد وقفو :" روح فورا قبل مايغير رأيو" . جاب رفقات آكوب حقيبتو وهنون عم يضحكوا ويحضنوه بكل محبة ع صدقو وقلبو الطيب. آكوب ما كان عرفان بإي إتجاه لازم يركض بس كان رئيسو أمر السائق بإنو يوصل آكوب للطريق العام حتى يسهل سفرو لعند أهلو

...

جميل حلاوة: كاتب سوري مقيم في الدانيمارك

bottom of page