top of page

حمام رجيل..حمام نسوان

جميل حلاوة

09.08.2022

الخميس الأول 

.عرّ وعرير وعنين كل خميس من المسا للصبح

طفل ظغير عمرو خمس سنين ناطر أخوه الكبير ياخدو مشوار بس أخوه الكبير عم ينسى،لإنو بيشتغل عجّان بالفرن. كاالزلمة لوحدو يحضر ويعجن الطحين كل الليل. زلمي طويل وعندو عضلات وأصابعو دايما منفخه ومورمه من العجن

 

أخيراً وعد أخوه الظغير:" اليوم رح إجي بكير ومنروح المشوار". "اتفقنا" رد أخوه الظغير. وبلش الولد من لحظتا يعجق البيت وإخوانو كلن عم يحضرولو البقجة. طبعًا هو كان مفكر حالو رايح ع حديقة ألعاب أو هيك شي و أول ما سمع صوت سعلة أخوه القوية من أول الحارة نط ووقف على باب الدار برا حامل بقجتو. تفاجأ أخوه الكبير لإن فكر إنو خيو الظغير نام أو،،، نسي. قالو جاهز؟ رد الطفل: جاهز من الصبح

...

العيلة واقفة ع باب الدار عم تودعو وتلوح بالسلامات

تعربش الولد بإيد أخوه الضخم ووزع بوسات 

كان عم ينط ويركض بالشارع فرحان. من شهر وهو كل خميس بيبكي ويعرّ منشان هالمشوار.

...

المشوار يا عين إمك عحمام السوق للرجال. وصلوا أخيراً ودخلوا على الحمام .. وبلش المشوار...

بتحس كإنك داخل على مغارة علي بابا والأربعين حرامي. ممر طويل بيوصل على باحة كبيرة بنصها بركة مي ونوافير ،والزلم مصفوفين متل فناجين القهوة على الرفوف بلباس المناشف ،عم يدخنوا أراكيل وأصواتهم عالية كتير.

في درجات بتنطلع درجتين وفي زلمة بدو يشلحك ويلبسك المئزر. الولد خجل ولبسوا المئزرعلى خصره بعد أربع خمس لفات.جسمه ياعيني متل المعكرونة. وبصعوبة حصل على قبقاب أظغر شوي من قباقيب الزلم وصار يمشي فيه ورح يزحط عقفاه لإنو الأرض كلها صابون وزحليط، والحيطان سودة ومعفنة وعم يدخلوا دهاليز و ممرات، دخل ع باحة تانية مو مبين شي من البخار السيخن ،وأصوات طاسات وضحكات زلم عالية وواصلة للسقف العالي اللي متل البيضة ،وبلش يشوف كائنات ومناظر لأول مره في حياتو ،كروش وبطون كبيره وصلعات عم تلمع وطياز على الأرض قد طيز البقره. قعد جنب جرن مي وفورا حط إيدو بالجرن كانت المي سيخنة كتير. أخوه طرطش عليه شي طاسة مي وحدة بس ، فشهق شهقة نشف حلقه رغم المي والرطوبة ،وأشر لأخوه بإيديو إنو بس.. بس ،،خلص ،،خلص! وتكوّم جنب الجرن متل القط المبلول.

أخوه راح لعند طاولة حجر وتشطح عليها وشلح الميزر وحطو عالمناطق الحساسة ،وجنب الطاولة زلمي قد الغول راسو كبير كتير وإلو صلعة وكرش ضخم وبزاز ساحله وعضلاته عم تهز هّز ..هز. كان مفكر أخوه ضخم،صار أخوه جنب الغول متل الولد. لبس بإيدو كيس وصار يمسح جسم أخو، وكل ما يروح ويجي بالكيس يطلع فتايل من جسمه حتى صار جسم أخوه متل الشوندرة، بعدين الغول حط ايديه ب طشت كبير كله رغوة صابون وبالليفة ضربتين تلاتة، و خلص.

وتطلع ع أخوه الظغير وأشرلو بإصبعو إنو تعا لهون. الطفل صار يفكر شو رح يصير فيه تحت ايدين هالغول ،من أول سحبة بالكيس ع جسمه رح يدوب ويصير كلو فتايل مارح يبقى منو شي ، وأكيد أكيد شخ تحتو من الخوف. قلو أخوه: ليش خايف؟ عيب عليك !

قلو الطفل لا مو خايف ، بس قرفان. وتشطح متل الخروف عالدبح بنفس الكيس اللي بيمر عكل الأجسام. وأول ما مشي الكيس ع جسمه ورجع حس جلدو انسلخ، وعضامو المبينة تقحوطت قحوطة. فكّر صرلو ساعة عم ينقشط . يمكن كل وقت الكيس والليفة مافي دقيقتين وخلص بس هوي فكرهن ساعات. ولما رجع عالجرن وحط المي صار جسمه يلهب لهيب .

ماصدق إمتى يطلع. وطلع أخيراً عالتنشيف ولبس المناشف وقعد متل فناجين القهوة ياخذ شوية هوا ، وبلش ينق على أخوه: قوم نروح عالبيت. رد عليه شو بتشرب؟

بدي كازوزة حمرا ، رد الطفل الظغير وكانت أطيب كازوزة بعمرو بيشربها حس فيها نتفة برودة منعشة

ورجعوا عالبيت

...

العيلة كلا ناطرة وسهرانه ،وبلشت الزغاريد والنهنهات و"أهلًا وسهلا بالعريس" و "إجو الشباب" طبعاً الطفل رمى بقجتو وهرب ع غرفتو وعمل حالو نايم وعم يشخر، وعم يسمع ضحكات الأهل برة حتى الصبح.

ولما فاق تاني يوم ، الكل صبح عليه ب "كيفو العريس؟" رد عليهم: يلعن هيك عريس وطز ع هيك زلم………..

 

الخميس التاني ..

ضل كم يوم كل ماغلط شي غلطة بيمزحوا عليه اخواتو وبيغنولو غنية بكره الخميس ،،، بكرا الخميس مناخـدك لعند أبو الكيس ،،،وبترجع متل البسي ومنقلك بيس بيس ……. وهيكل حتى اجا الخميس التاني و أخديتو امو وإخواتو البنات ع حمام النسوان.

وكان حمام النسوان بحلب يبلش من الساعة عشرة الصبح وحتى الساعة ستي المسا. وكان بيكلف ربع ليرة ع الرأس ،والولاد فرنك أو فرنكين.

...

فات ع الحمام

نفس المناظر بطون وطياز وبزاز مرتخية! بس كان في صبايا وحلوين كتير. و جوا فوضى نسوانية وأصوات عالية وطرق طاسات. وبلشت عملية التغسيل ،لازم تتثبت منيح بين الرجلين وتنطرش بأول طاسة ساخنة وقبل ما تشهق ،بصير رأسك متل الطابة مع فرك بصابون الغار يلي بيكوي العيون ،لازم تغمض عينك بقوة وتنسى عملية الفرك القوية لأنو لازم يتحممو بربع ليرة حتى الساعة ستي المسا. خلص أول زوم بعد ما انسلخت رقبتو من الكفوف. مابتعرف ليش لطش الكفوف بالحمام وكأنو صار عادةً ، أو بيجوز إنتقام…. واجتمعوا تحت البخار وطلّعوا الأكل: سندويش مبلول ومتشتش وبرتقان فلازم تاكل بسرعة وترتاح شوي قبل الزوم التاني يلي رح يبلش أبشع من الأول ، يعني عندك لسا أربع أو خمس مرات للدعك والحف والتفريك حتى آخر ساعة. الطفل حاول يرتاح شوي وطلع عالباحة ياخد فيها شوية برودة وهوا . شاف باب الحمام عم تدخل الناس منو فخطر ع بالو خاطر و متل ماهو مزلط نط متل القط بسرعة وطلع من باب الحمام ووقف برا وصار يطلع يمين يسار وشاف حديقة جنب الحمام فركد وصار يتمرغ ويلعب بالتراب الأحمر. عاملة الحمام واقفة على باب الحمام عم تصيح: "ياعالم ياهو الله يوفقكن لحقوا هالولد ياجماعة!" طبعاً نط كم شب وقبضوا على الولد الهارب من الحمام و كل واحد مسكو من طرف كإنو عنزة جربانة وهو عم يحاول يتخلص منهن بصعوبة. سلموه بعد ما غسلهم بالمسبات الرزيلة: ياعرصات،،،،، امكم على ،،،اختكم…أبوكم ،الخ...."

استلمتو ناطورة الباب متل الشرطي وأيديها متل الكماشة وشحطيتو لجوا وكإنو جيجة وهوي عم يبلعط بدون نتيجة. النسوان مجتمعة متل محكمة جنائية أو سرية تأديب وهو لسا عم يسب و يحشك و يحكي عمناطقهم الجنسية الحساسة حتى بح صوته.أخيراً وحدة من النسوان أخديتو وحمميتو بنعومة وغنتبو أغاني حلوة حتى همد. ومن يومها فهم ليش بيقول المتل :"الفوتة ع الحمام ع كيفك بس الطلعة منو مو ع كيفك". انتهى

...

 جميل حلاوة: كاتب سوري مقيم في الدانيمارك

bottom of page